Admin المدير العام
عدد المساهمات : 13176 تاريخ التسجيل : 09/12/2010
| موضوع: أيهما أسمى في المغرب: ‘المقدسات’ أم المواثيق الدولية ؟ 24/2/2012, 13:22 | |
|
هييبريس - DW
يشهد المغرب جدلا ساخنا على خلفية منع توزيع صحف أجنبية ومحاكمة شبان بتهم “المس بالمقدسات”، ما أثار مخاوف من تراجعات في مجال حرية الإعلام و النشر الإلكتروني. موقع DW استطلع آراء صناع قرار ومدافعين عن حرية الاعلام وخبراء.
يحتد الجدل في الأيام الأخيرة في المغرب حول محاكمات تتعلق بالنشر الإلكتروني و منع توزيع مجلات وصحف أجنبية، العنصر المشترك بينها “المس بالمقدسات”، حيث رفضت السلطات المغربية منح الترخيص لصحيفتين فرنسيتين بتوزيعهما في المغرب بسبب “إساءتهما للإسلام”، وبعدها تم منع توزيع صحيفة إسبانية لأنها نشرت رسما كاريكاتوريا اعتبر”مسيئا” للعاهل المغربي الملك محمد السادس.
ومن جهة أخرى تم الحكم على شاب بالسجن ثلاث سنوات بتهمة إهانة الملك في تسجيل مصور بث على موقع يوتوب، وبعدها بأقل من أسبوع حكم على شاب آخر بالسجن لمدة عام بعدما نشر صورا على فيسبوك اعتبرت أيضا “مسيئة للملك”.
كل هذا أدى إلى تصاعد الجدل من جديد حول “المقدسات” واحترام حرية التعبير في المغرب، ويبدو التجاذب على أشده بين دعاة الخصوصية وسمو “المقدسات” وبين الداعين لعلوية المواثيق الدولية. موقع DW حاور صناع القرارمغاربة وخبراء وممثل منظمة هيومن رايتس ووتش بالمغرب.
من خالف المواثيق الدولية؟
وكانت وزارة الاتصال قررت منع عددين لمجلتي (لونوفيل أوبسيرفاتور) و(بيلران) الفرنسيتين من التوزيع بداخل المغرب لـ”إساءتهما للدين الإسلامي ومخالفتهما بذلك للمواثيق الدولية”. حيث ضمت المجلة الأولى صورة تجسد الذات الإلهية بينما نشرت الثانية أزيد من خمس صور تجسد ذات الرسول، وبمجرد صدور قرار المنع انتقدت منظمات حقوقية دولية على رأسها “هيومن رايتس ووتش” هذا الإجراء معتبرة إياه مساسا بحرية التعبير، وتبادلت الانتقادات مع الحكومة المغربية، الأخيرة اعتبرت أن المنظمة “تتعامل بانتقائية مع القانون الدولي”.
ويقول مصطفى الخلفي وزير الاتصال المغربي في حوار معDW إن القرار بعدم الترخيص للمجلتين الفرنسيتين لا علاقة له بحرية التعبير “بل بالعكس هو نابع من الالتزام بالمراجع الدولية، و منها القرار 65/224 الصادر عن جمعية الأمم المتحدة الصادر في أبريل 2011 والذي يدعو إلى عدم نشر أي صور نمطية سلبية للمجموعات الدينية، كما يرفض انتهاك حرمة الرموز الدينية”.
لكن ابراهيم الأنصاري ممثل منظمة هيومن رايتس ووتش بالمغرب قال لـ DW إن الميثاق العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدينة والسياسية هي المراجع الملزمة للدول، أما قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة فهي غير ملزمة “. ويضيف الأنصاري أن الصور التي نشرتها المجلات الفرنسية يمكن أن يكون فيها استفزاز لمسلم، لكنها لا تحرض على العنف أو الكراهية أو التمييز، “إنها تعبر عن رأي قد يكون مستفزا، لكن لا يجب منعه أو مصادرته”.
ولذلك يعتبر الناشط الحقوقي أن قرار المنع الذي اتخذته السلطات المغربية “غير مؤسس من الناحية القانونية”. بيد أن الخلفي يشير إلى أن العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية يشير في المادة 19 منه إلى أن حرية التعبير ليست مطلقة بل يمكن أن يتم تقييدها بالقانون “لذا لا نعتبر أن قراراتنا فيها خرق للقوانين الدولية لأن الأمر يتعلق بإساءة وليس بمصادرة آراء أو معلومات”.
وبرأي الكاتب والصحفي المغربي ادريس كسيكس فان استعمال السلطات المغربية قرارا أمميا من أجل التأكيد على ضرورة حماية المعتقد ضد الحرية هو”مؤشر على أننا دخلنا مرحلة جديدة، هي محاولة عقلنة الرقابة وهذا أمر غير مقبول، لأنه يؤشر على أن هناك في الحكومة من يحد من الحريات لكنه يتظاهر بأنه يفعل ذلك باسم القانون أو المواثيق الدولية، وهنا ينبغي على الصحافيين والمثقفين أن يكونوا حازمين حيال الأمر”.
ويضيف كسيكس خلال حديثه لـ DW أن خطاب الذين يدافعون عن الدين على حساب الحرية، هو “خطاب محافظ وهوياتي يتبناه من يعطون أهمية للجماعات على حساب الأفراد”.
“المقدسات سيف تستخدمه الحكومة”
ولا يعتقد الكاتب المغربي أن احترام حرية التعبير يتعارض مع احترام الأديان لأن المعتقد مسألة شخصية تدخل في المجال الخاص، و”الإشكال يحدث عندما ينبني تسيير الشأن العام على المعتقد، وهنا يحصل التعارض مع الحريات، لأن المجتمع أساسا ليس كتلة موحدة، فهو عبارة عن أصناف و أطياف ومعتقدات مختلفة ومستويات متعددة للاعتقاد” متسائلا “على أي أساس نبني سياسة على المعتقد، إلا إذا كانت هناك إيديوليوجية موجهة من طرف ضد طرف” وهذا ما يعتبره كسيكس إشكال الدولة الدينية أو ذات المرجعية الدينية.
وكانت السلطات المغربية منعت أيضا قبل أسبوع توزيع اليومية الإسبانية “إلباييس” واستندت في منع تداول الصحيفة حسب تقارير إعلامية على الفصل 29 من قانون الصحافة، الذي يعطي لوزير الاتصال الصلاحية في منع الجرائد أو النشرات الدورية أو غير الدورية المطبوعة خارج المغرب، التي تتضمن مسا بالدين الإسلامي أو بالنظام الملكي أو بالوحدة الترابية أو تتضمن ما يخل بالاحترام الواجب للملك أو بالنظام العام.
ويقول وزير الاتصال المغربي إن الكاريكاتير الذي نشرته الصحيفة مسيء للملك وهذا فيه “إخلال بالاحترام الواجب للملوك ورؤساء الدول” و أشار الخلفي إلى أن الشرطة الإسبانية كانت صادرت في عام 2007 مجلة إسبانية نشرت كاريكاتيرا لولي العهد الإسباني وقامت بمحاكمة رساميه وتغريمهم “لهذا فإن ما صدرعن إلباييس مؤسف وخطأ غير مقبول”.
وينص الدستور المغربي على أن حرية الفكر والرأي و التعبير مكفولة بكل أشكالها وعلى أن حرية الصحافة مضمونة ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية. لكن منظمات حقوقية تتهم السلطات بالازدواجية بين الخطاب والواقع، حيث تراجع المغرب في التصنيف الدولي لحرية التعبير حسب التقرير الأخير لمنظمة “مراسلون بلاحدود”، إذ فقد ثلاث درجات من 135 إلى 138.
ويعبر محللون و نشطاء عن مخاوفهم من أن تضاعف التوجهات الإسلامية لحكومة بنكيران حالات منع المنشورات لأسباب دينية وسياسية.
“المس بالمقدسات” في العالم الافتراضي ايضا
شهدت المغرب قبل أيام محاكمة شابين هما عبد الصمد الهيدور من مدينة تازة شرق شمال المغرب، ووليد بحمان من الرباط. الأول حكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات بعدما ظهر على شريط مسجل بثه موقع يوتوب وهو “يشتم” الملك محمد السادس، وأفاد نشطاء حقوقيون أن التسجيل صوّر الشهر الماضي أثناء أحداث عرفتها مدينة تازة المغربية احتجاجا على ارتفاع أسعار الكهرباء والبطالة. بينما حوكم وليد الذي يبلغ من العمر18 سنة بتهمة “إهانة المقدسات” بعدما قام بتشويه صور الملك على صفحة صديقه في الفيسبوك حسب ما نقلته مواقع إلكترونية.
وانتقدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان الحكم الصادر في حق عبد الصمد الهيدور حيث اعتبرت رئيسة الجمعية خديجة رياضي في تصريحات لقناة فرانس 24 الفرنسية أن الحكم “قاسي وغير مقبول” مشيرة إلى أن “النظام المغربي يحاول دائما تسويق صورة إيجابية للخارج بينهما يمارس العنف والقمع على شعبه كباقي الدول القمعية”.
وينص الدستور المغربي على أن شخص الملك لا تنتهك حرمته، وللملك واجب التوقير والاحترام. بيد أن كسيكس يعتبر أن تعبير “عدم انتهاك حرمة الملك” تعبير فضفاض ويعطي مجالات للتأويل، ويعلق في هذا السياق على منع توزيع صحيفة إلباييس الإسبانية قائلا” أنا لم أفهم كيف ينتهك هذا الكاركاتير مثلا حرمة الملك، أعتقد أنه تأويل مبالغ فيهو يعبر عن توجه السلطة في وقت ما”.
| |
|