Admin
المدير العام
عدد المساهمات : 13176
تاريخ التسجيل : 09/12/2010
 |  موضوع: على خطى نضالات بني بوعياش، المستقبل للنضال العمالي والشعبي  7/3/2012, 04:11 | |
|
أزنزار
يعمل الإعلام
البورجوازي والرجعي بجد لتقديم نضالات الكادحين على أنها مجرد تخريب وفوضى،
بينما يضرب طوق التعتيم الإعلامي على النضالات التي تمثل نموذجا ومثالا
للاقتداء. وتمثل نضالات مدينة بني بوعياش مثالا ساطعا لهذا التعامل.
مسيرات
جماهيرية وإضرابات عامة واحتلالات للمؤسسات العمومية والاعتصام داخلها...
أشكال نضالية برع فيها كادحو بني بوعياش وفرضوا على جهاز القمع التراجع
وعلى السلطة المحلية الاستجابة لبعض المطالب.
مسار نضالي
حافل يعتبر نموذجا حيا لما يجب أن يكون عليه النضال الاجتماعي والسياسي
بباقي مدن وبلدات المغرب... وعلى الإعلام المناضل تسليط الضوء على الجوانب
المشرقة لهذه التجربة وتعريف المناضلين والكادحين بها.
وضع محلي يفسر وقع الحراك الوطني
مدينة بني
بوعياش ليست مختلفة عن باقي مناطق المغرب.. تهميش اقتصادي وإقصاء اجتماعي
موروث عن عقود من تطبيق سياسات لا شعبية مفروضة من خارج الحدود لإغناء
الرأسمال العالمي ووكيله المحلي.
وضع التهميش
يتبدى جيدا من المطالب التي رفعتها ساكنة المدينة، تظهر وضع الكادحين في
مغرب العهد الجديد: ببناء مستشفى بالمدينة، وتعميم تزفيت الشوارع والأزقة
والإنارة العمومية، وإعادة بناء وفتح قنوات الري بسهل النكور وتزويد
الفلاحين بالمواد الفلاحية المدعمة، كما يطالبون بإعادة ترميم وتجهيز
المدارس وتشييد أخرى، وإعادة إنشاء قنوات الصرف الصحي وتعميمها داخل المجال
الحضري، وكذا إعادة توسيع الشبكة الطرقية التي تربط المدينة بالمناطق
المجاورة، وضرورة إنشاء محطة لسيارات الأجرة الكبيرة والجرارات.. إضافة إلى
مطالب المعطلين بتشغيلهم ودمجهم في الوظيفة العمومية... صورة لا علاقة لها
بما يقدمه إعلام الاستبداد عن مغرب التنمية والانتقال الديمقراطي.
مطالب محض
اقتصادية تفضح واقع التهميش الذي عاشته هذه المنطقة طيلة عقد تحت حكم العهد
الجديد والانتقال الديمقراطي، ولا زالت مطروحة على جدول أعمال نضال
الساكنة بعد ما يقرب سنة من تمرير الدستور المرقع وتجديد الواجهة الحكومية
للاستبداد.. هذه الحكومة التي تتذرع بعدم امتلاكها "عصا سحرية" للاستجابة
الفورية لهذه المطالب، بينما تمسك باليد الواحد عصا القمع لإسكات
المناضلين، والبيد الثانية خاتم سليمان لتلبية مطالب الباطرونا وطمأنتهم.
هذه المطالب
الاقتصادية المشروعة والعادلة غير واردة حاليا في برنامج الأحزاب الحكومية
أو المعارضة.. وسينتظر حزب التقدم والاشتراكية حتى يعربد الاستبداد بقمعه
وقنابله المسيلة للدموع وينفجر الوضع الاجتماعي بالمدينة.. ويتحدث كعادته
عن عدالة المطالب وركوب بعض الأطراف العدمية عليها وتحويلها في اتجاه
سياسي.
سياق نضال
حركة 20 فبراير أضاف إلى هذه المطالب مطلب محاربة الفساد مجسدا في مطالبة
الساكنة برحيل المجلس البلدي مع إيفاد لجنة للتقصي لبحث الخروقات
والتجاوزات التي عرفها المجلس، الذي يسره نفس الطاقم منذ 20 سنة دون تزويد
المدينة حتى بالإنارة العمومية.
هذه المطالب
هي خلفية عام من النضال منذ انطلاق الحراك الشعبي مع حركة 20 فبراير
والجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين، عام توسع فيه النضال ليشمل
مختلف شرائح المدينة، تطور فيه النضال وأساليبه وأشكال تنظيم الجماهير.
تحقيق مطلب ملموس.. يجذر النضال
تجذر الجماهير يأتي من خلال تجربتها الخاصة.. والحياة تعلم الجماهير في ظرف وجيز ما لم تستطع التربية السياسية منحها إياه في سنوات.
بعد أن طردها
مشغلها من عملها وبالتالي من البيت الذي تشغله، توجهت أرملة (أم لأربعة
أولاد) إلى باشا المدينة لرفع تظلمها، لكن الأخير أهانها وطردها من مقره..
فما كان من الأرملة إلا أن فتحت معتصمها قرب مقرالباشوية.
قضية هذه
الأرملة ورفض الإهانة الموجهة من طرف ممثل السلطة في ظرفية تحطمت فيها
جدران الخوف، دفعت ساكنة المدينة وشباب حركة 20 فبراير للتضامن معها فحولوا
خيمتها إلى معتصم قائم حتى تحقيق مطلبها، ونظموا عدة مسيرات احتجاجية.
تعنت السلطة
ورفض الباشا الاستجابة لمطلب المعتصمة معللا جوابه: "أنه ليس في دولة
الإمارات!"، لم يثني شباب بين بوعياش عن الصمود، وفرضوا على السلطة تسليم
مفاتيح الشقة للأرملة المعتصمة وتوفير العلاج لابنها المريض بتدخل مباشر من
وزير الداخلية... طبعا فالنضال قادر على تحويل المغرب إلى أكثر من دولة
الإمارات.
هذه الاستجابة
لمطلب الأرملة، برهن على أرض الواقع الحي على صحة الشعار الذي يرفع في كل
المسيرات والاعتصامات "بالنضال والصمود.. الحقوق ستعود"، وزود نضال بني
بوعياش بإرادة مضاعفة للصمود والإصرار على النضال.
هذه التجربة
مضافة إلى سياق النضال الوطني وتوسع حركة 20 فبراير بأساليبها الجماهيرية
وإقدام قاعدتها الشابة وقتاليتها، أحدثت نقلة نوعية في وعي الساكنة حتى
تحولت كل أيام السنة إلى نضال ومسيرات واعتصامات، بما فيها أيام الأعياد
الدينية؛ حيث شهد يوم عيد الفطر الأربعاء 31 غشت مسيرة احتجاجية ضخمة2011،
انضافت إليها أخرى قادمة من منطقة "تفروين" سيرا على الأقدام البعيدة عن
بني بوعياش بـ5 كلم، أما عيد الأضحى فكان مسرحا لجنازة مهيبة لابن المدينة
الذي طالته يد الغدر بضربة سكين. وشهد يوم الجمعة 18 نوفمبرء عيد الاستقلال
الشكليء مسيرة شعبية حاشدة تنديدا بعسكرة المنطقة.
هذا الانغراس
الجماهيري والإصرار النضالي، جعل النظام يستبعد مقاربة القمع بشكل مباشر،
خصوصا بعدما تلقى دروسا قاسية من طرف جماهير المدينة، التي تهب يدا واحدة
في مسيرات ليلية لحماية المعتصمات وكلما حاول جهاز القمع اجتثاث مظاهر
النضال بالمدينة.
هذا ما دفع
النظام لسلوك طريق أسلافه في مصر واليمن، وتسخير المجرمين لوأد النضال، فقد
تعرض المخيم الذي أقامته الساكنة لهجوم من طرف مجهولين قاموا بنزع الخيام،
أسلوب أدى في النهاية إلى اغتيال المناضل داخل الجمعية الوطنية وحركة 20
فبراير كمال الحساني.
"إن الدم المهروق لا يضعف الثورة، بل يقويها ويجعلها في وقت واحد ضرورية وجبارة لا تغلب". فيدل كاسترو
اغتيال كمال
الحساني جاء قصد تخويف الجماهير الملتفة حول حركة 20 فبراير ومطالبه
الاجتماعية، ولوضع حد لتوسع الحركة وانغراسها الجماهيري.. لكن ما حدث كان
العكس، وجسدت جماهير بني بوعياش على أرض الواقع شعار "قتلوهم، عدموهم..
أولاد الشعب يخلفوهم".
اغتيل كمال
الحساني من طرف شخص محرض من طرف الاستبداد بطعنة خنجر غادرة.. واغتالته
الدولة أيضا حيث كان المركز الصحي الذي نقل إليه الضحية فارغا من الطاقم
الصحي وغياب سيارات الإسعاف التي أتت بعد 45 دقيقة في حين تصل سيارات
التدخل السريع بسرعة البرق.
خرجت الساكنة
في مسيرات ضخمة للتنديد بمقتل الحساني أربعينية الحساني، وشهد يوم عيد
الأضحى جنازة ضخمة ومهيبة رغم أنها كانت صامتة وبدون شعارات.
وبعدها لم
تنقطع المسيرات المنددة بالاغتيال، رفعت خلالها شعارات تدين الاغتيال
السياسي والاختطاف والتعذيب، وتطالب بالكشف عن الحقيقة الكاملة وراء اغتيال
الحساني، كما رفعت شعارات تدين البطالة وانعدام فرص العمل والشغل،
والارتفاع المهول لفواتير الماء والكهرباء. وشهد يوم 28 أكتوبر إضرابا عاما
حدادا على روح الشهيد..
لقد كانت
حسابات الاستبداد في غير محلها، فقد أدى الاغتيال إلى مزيد من النضال...
كيف لا وسكان بني بوعياش لا زالوا يتذكرون أهازيج الفلاحين الريفيين
الرافضة لكل استبداد ".. أتعطش للعيش بدونك يا مطرقة فوق رأسي".. ويرفضون
أن يكونوا "الحبوب التي تطحن". (عبد الكريم، ملحمة الذهب والدم. زكية
داود).
حاولت الدولة
أن تمسح من يديها تهمة جريمة الاغتيال، فتحدثت كل أهزتها وصحافتها الموالية
عن أن "المشتبه به بقتل الهالك كمال الحساني العضو بـ (جمعية حملة
الشهادات المعطلين ءفرع بني بوعياش) هو أيضا عضو بنفس الجمعية انضم إليها
منذ شهرين، وأن الدافع وراء إقدامه على ارتكاب هذه الجريمة هو الانتقام".
تواصلت عمليات
الانتقام من مناضلي المدينة، فقد تعرضت مناضل حركة 20 فبراير للاختطاف من
طرف عناصر الدرك الملكي التابعة للقيادة الجهوية بالحسيمة في المسجد
المركزي ببني بوعياش، ولفقت له تهمة "إرتكاب جرائم وتكوين عصابة إجرامية
والإتجار الغير القانوني في الحكول"، الاختطاف والتهمة الملفقة تعرض
لاحتجاجات صاخبة في المدينة التي اعتقل فيها، برزت في قطع الطريق الوطنية
رقم 2، ونصب خيمات في نقط متفرقة بالمنطقة وإشعال النيران في عجلات مطاطية
وميسرات مسائية جابت شوارع مدينة بني بوعياش.
ونظم سكان بني
بوعياش مسيرة على الأقدام متجهة الى مدينة الحسيمة يوم الاثنين 5 مارس،
المسيرة وصلت منطقة أجدير، احتجاجا اعتقال البشير وعلى تعرضه لمحاولة طعن
من طرف نفس الشخص الذي قتل كمال الحساني.
أشكال نضال جماهيرية
تمسك الساكنة
بمطالبها والمناخ النضالي العام، جعل الساكنة تدخلت بمعية مناضلي حركة 20
فبراير والجمعية الوطنية للمعطلين في اعتصامات من داخل بعض المؤسسات
الحساسة لعل أبرزها الاعتصام المتواجد من داخل المكتب الوطني للكهرباء لعدة
أشهر وازاه امتناع الساكنة عن أداء فواتير الكهرباء.
كما عرفت
الجماعة الحضرية للمدينة شللا تاما في كل خدماتها بفعل إغلاقها من طرف
المحتجين الذين يتهمون المجلس البلدي بالفساد ويطالبون برحيله وبإيفاد لجنة
التقصي للبحث في الخروقات والتجاوزات التي وقعت في الجماعة الحضرية منذ
سنوات. إغلاق الطريق الرئيسية شكل نضالي فعال خاضته الساكنة التي اعتصمت
بالطريق الوطنية رقم 2 بوسط مدينة بني بوعياش وأغلقوها في وجه المرور، حيث
أقام فيها المحتجون خياما منذ أزيد من ثلاثة أسابيع.
هذا بالإضافة
إلى الإضرابات العامة التي تمس كل المصالح الحيوية بالمدينة، خصوصا يوم
الحداد على الحساني.. حيث شلت المدينة بما فيها المؤسسات التعليمية. هذه
التجربة النضالية الراقية، يتم تغييبها في الإعلام الحكومي والمدعي
الاستقلالية، ويركزون على شباب يرشقون سيارات القمع بالحجارة ويحرقون
الإطارات المطاطية ويكسرون الواجهات الزجاجية. وإن لم يكن لغير هذا السبب
فعلى مناضلي الشعب المغربي أن يكون نضال بني بوعياش قدوتهم وليس أحداث
الرشق بالحجارة.. الخ الخ.
مقاطعة نشيطة للانتخابات
طيلة الحملة
الانتخابية عرفت المدينة مسيرات احتجاجية امتزج فيها رفض الساكنة لمهزلة
الانتخابات ومطالبتهم بالاستجابة لمطالبهم الاقتصادية والاجتماعية.
جاهر
المشاركون في هذه المسيرات برفضهم "التعامل مع الأحزاب التي تريد كبح نضال
الساكنة المعبّرة بشكل واسع عن مقاطعتهم للتصويت". ولم يستطيع أي حزب سياسي
المغامرة بتنظيم الحملة الانتخابية على تراب البلدية، ما دفع عددا من
وكلاء اللوائح إلى الاستعانة بعربات تلقي المنشورات وسط الشارع العام.
ونظمت مسيرة
شعبية حاشدة يوم الجمعة 18 نوفمبر – عيد الاستقلال الشكليء تنديدا بعسكرة
المنطقة وتأكيدا لموقف مقاطعة للانتخابات.وتواصلت المظاهرات يوميا حتى يوم
الاقتراع. خرجت مسيرة احتجاجية لساكنة مدينة بني بوعياش في يوم التصويت في
الانتخابات البرلمانية التي تجري يوم 25 نوفبر 2001.، وكانت صناديق
الاقتراع شبه الفارغة.. صدمة للاستبداد.
وكانت مدينة
بني بوعياش المدينة الوحيد التي شهدت مسيرات يوم الاقتراع، بينما كل المدن
الأخرى شهدت امتناعا سلبيا عن التصويت.. إن كادحي بني بوعياش يدلوننا على
الطريق الصحيح في النضال حتى في مسألة تكتيكية بالغة التعقيد، لا زالت رهن
النقاش بين تيارات اليسار بالمغرب.
حس تضامني عال
لم يهتم شباب
وسكان المدينة فقط بمطالبهم المحلية، بل جعلوا قضايا كادحي المدن الأخرى
قضاياهم. ففي ذكرى شهداء الحسيمة الخمس، شهدت بني بوعيّاش إضرابا عامّا طال
المتاجر والمقاهي وامتدّ أيضا إلى المؤسّسات التعليمية التي لم يقصدها
المتمدرسون، فيما سار الآلاف لكيلومترات، ذهابا وإيابا، نحو إيمزورن
المجاورة.
ولما قام
الاستبداد باستقدام فصائله المسلحة من المدن الأخرى لقمع نضال ساكنة تازة،
أقدم المئات من شباب مدينة بني بوعياش، على اعتراض موكب لعناصر من القوات
المساعدة كانت متجهة، ليلة الأربعاء الخميس، صوب مدينة تازة في إطار توفير
"مساندة للقوات العمومية" المتدخّلة هناك.
وضع شباب بني
بوعياش أجسامهم كحواجز بشرية لمنع العربات النّاقلة لعناصر القوات المساعدة
من التقدّم.. في حين لجأ آخرون للهراوات والحجارة من أجل إجبار معظم
القافلة على العودة أدراجها، وسط رفع شعارات التضامن مع ساكنة تازة.
كما شهدت
مدينة بني بوعياش إحياء للذكرى 49 لرحيل محمد عبد الكريم الخطابي، وقد تمّ
ذلك وسط رفع شعارات مطالبة بإسقاط الفساد والاستبداد وأخرى داعية للكرامة
والحرية والعدالة الاجتماعية.
المستقبل للنضال العمالي والشعبي
إن من شاهد
نضال سكان بني بوعياش وعايش مسيراتهم الليلية وراقب اعتصاماتهم بالطرق
واقتحامهم لمقرات المؤسسات، وصمودهم لمدة عام.. سيتأكد أن في المغرب "خميرة
ثورية"، هديرا شعبيا يعتمل في الأعماق يجب العمل على جعله يطفو إلى السطح؛
سطح النضال الثوري المباشر والسافر ضد نظام الاستبداد السياسي والقهر
الاقتصادي.. وذلك هو واجب اليسار الثوري بالمغرب.
فالمستقبل يدلنا إليه نضال ساكنة وشباب مدينة بني بوعياش وصمودهم وتنظيمهم… المستقبل للنضال العمالي والشعبي.
| |
|
