مفهوم «المناطق النائية» يهدد بنسف اتفاق الحكومة والنقابات
بلعياشي، ألح على ضرورة تطبيق المفهوم الحقيقي للمناطق النائية
وأخيرا تنفس «محمد»، المدرس بإحدى المدراس الابتدائية، المنزوية بعيدا بجبال الريف الصعداء، بعدما ألقى نظرة على الدورية المشتركة بين وزارات الداخلية، الصحة والتعليم بخصوص التعويض عن العمل بالمناطق النائية، التي رأت النور الاسبوع الماضي، إلا أن الحيرة سرعان ماعادت لتسيطر عليه، وهو يحدق مليا في لائحة المعايير التي حددتها الدورية في تصنيف مقرات العمل المستهدفة بالتعويض.
سر حيرة «محمد»، هو أنه يدرس بمدرسة بعيدة عن مركز الجماعة القروية، إلا أنها تتوفر على الانارة وبعض المسالك، وهذا كاف ليجعل «محمد»، خارج المستفيدين من 700 درهم كتعويض عن العمل في المناطق النائية، كما اتفقت على ذلك الحكومة والمركزيات النقابية في جولة 2009 من الحوار الاجتماعي، وذلك وفقا للائحة المعايير التي جاء بها الاطار المرجعي المتوافق حوله بين الوزارات المذكورة والنقابات.
غير أن اللجنة المركزية المتفرعة عن الحوار الاجتماعي، التي أعدت الاطار المرجعي، والمكونة من مكونة من ممثلي القطاعات الحكومية المعنية، وهي التربية الوطنية، الصحة، الاقتصاد والمالية، الداخلية، تحديث القطاعات العامة والنقابات الأكثر تمثيلية، قد رمت بكرة تحديد مقرات العمل المستهدفة بالتعويض في ملعب اللجان الإقليمية، التي ستنحصر مهمتها في تقديم مقترحات بشأن مقرات العمل بالاقليم بناءا على المعايير المحددة في الإطار المرجعي إلى اللجنة المركزية في أجل أقصاه 15 شتنبر المقبل، وهو الأمر الذي رأي فيه حمادي بلعياشي عضو المكتب الوطني للنقابة الديموقراطية للتعليم العضو بالكنفدرالية الديموقراطية للشغل أنه « اذا تم تطبيقه بشكل ميكاني، فإنه عددا من المناطق سيتم اقصاؤها من خانة المناطق النائية»
القيادي الكنفدرالي، اعتبر أنه لا يكفي أن تتوفر منطقة معينة على الكهرباء أو مسالك ليتم استبعادها من لائحة المناطق البعيدة أو النائية، ولم تفته الفرصة ليؤكد أن للكنفدرالية الديموقراطية للشغل شروطها في هذا المجال، ف«أهل مكة أدرى بشعابها»، يقول بلعياشي، «لقد أبلغلنا كتاب الفروع الذين سيحضرون أشغال اللجان الاقليمية بالدفاع عن المفهوم الحقيقي للمنطقة النائية بحكم أنهم يشتغلون في تلك الأقاليم».
وإذا كانت لائحة تحديد معايير مقرات العمل المستهدفة بالتعويض، ستقصي عددا من المناطق من الاستفادة، وفقا لتصريحات بلعياشي، الذي ألح على ضرورة تطبيق المفهوم الحقيقي للمناطق النائية، فإن المسؤول النقابي ذاته، يقول «لايجب أن ينظر إلى المسألة في بعدها المادي، بقدر ما يجب خلق جو من الاستقرار لفئات مهمة تعمل في ظروف وبيئة صعبة».
إلا أنه وقبل أن تحيل اللجان الإقليمية تقاريرها على اللجنة المركزية للمصادقة النهائية عليها، بدأت بوادر التصعيد تلوح في الأفق، فقد دخلت نقابات الجماعات المحلية على الخط، وهددت بخوض سلسلة من الاضرابات بالمناطق النائية، بعد استثناء الدورية المشتركة لموظفيها وأعوانها من الاستفادة من التعويض، فيما «محمد» فسينتظر قرارالجنة المركزية، فإما سيخصل شهريا على مبلغ 700درهم وإما سيعود خاوي الوفاض.