Admin المدير العام
عدد المساهمات : 13176 تاريخ التسجيل : 09/12/2010
| موضوع: حكايات ناجين من فاجعة مراكش تكشف تفاصيل الدقائق الأخيرة 6/9/2012, 13:50 | |
| حكايات ناجين من فاجعة مراكش تكشف تفاصيل الدقائق الأخيرة [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] قلوب المغاربة قاطبة فجعت، وبدأ الجميع في البحث عن المسؤول هل هي الطبيعة الوعرة؟ أم سلوك البشر الآثم؟ هل الدولة مقصرة أم أن الشعب مستهتر؟ الأكيد، للمغاربة ذاكرة قصيرة، فهل تحفر فيها عبرة هذه الكارثة؟جفت الدماء على الإسفلت وجفت الدموع من العيون، غير أن القلوب تواصل الاعتصار ألما. عويل المكلومين وصراخهم على فقدان ولد نابغة تطلع لما وراء الجبال ليكمل دراسته، وبين حامل ودعت زوجها لتدفن جنب رضيعها "المولود ميتا"، ومشاهد البكاء وحرقة فراق عزيز غادر دون سابق إنذار، حتى من ألفوا تلقي أخبار الموت على طرقاتنا على الشاشات التلفزية أو الراديو، وتلبدت مشاعرهم، وصار من النمطي تقبل أنباء خطف الطريق والعربات للأرواح، ما دام الهالكون لا يقربوننا من قريب أو بعيد، اليوم أيضا أدمعت قلوبهم.
"منارة" زارت مستشفى ابن طفيل، وقابلت الناجين من السقوط في الفج العميق المؤدي إلى الموت، حكايات من دنوا من الموت، ولم يصدقوا كيف استمروا في هذه الحياة، وتنقل لكم تفاصيل الحادث الأكثر دموية في تاريخ "حرب الطرق" بالمغرب. سقوط في الهاوية على إيقاع التكبير والتهليل
"أشهد ألا إله لله، وأشهد أن محمدا رسول الله... يا ربي.. يا ربي.." كانت هذه بعض الكلمات التي بقيت عالقة في ذاكرة "ابراهيم"، قبل أن يجد نفسه فوق أحد الأسرة بمستشفى ابن طفيل بمراكش، وهو محاط بطاقم طبي، يطمئنه على وضعه الصحي، بعد أن خضع لعمليتين جراحيتين بكل من ساقه وذراعه.
إبراهيم، طالب جامعي بكلية الحقوق بمراكش، ينحدر من مدينة زاكورة، استقل الحافلة في اتجاه مراكش، قصد الاستعداد للامتحانات الاستثنائية التي ستجري خلال الأيام القادمة، والتي سبق لإدارة الكلية أن أرجأتها إلى شهر شتنبر الجاري، قبل أن تنقلب الحافلة بأحد المنحدرات الخطيرة بالجماعة القرية "زرقطن"، والتي خلفت 43 قتيلا، و21 جريحا. عويل، صرخات ونداءات كانت تصدر من الركاب، بينما الحافلة تتدحرج في أحد المنحدرات البالغ علوه أزيد من 200 متر:" الله..الله.. ياربي ياربي.. انخرط جميع الركاب في إطلاق نداءات الإستغاثة وطلب اللطف في هذا المصاب" يقول إبراهيم، غير أنه بعد استقرار الحافلة في أسفل المحذر، كان قد دخل في غيبوبة، لم يستفق منها إلا بعد أن خضع لعملتين الجراحيتين. إبراهيم، واحد من الركاب الذين كتبت لهم النجاة بعد هذا الحادث، لكنه فجع في زميليه عادل وأحمد، اللذين لقيا حتفهما، ومعهم عدد غير يسير من الطلبة:" كانت الحافلة تقل أزيد من 12 طالبا من مدينة زاكورة، حيث كنا جميعا مسافرين في اتجاه مراكش للإستعداد لموسم جامعي جديد، غير أن 9 طلاب كلهم لقوا حتفهم في الحادث" يقول ابراهيم. اسماعيل الرضيع الناجي وملائكة الرحمان
كانت الساعة تشير إلى حوالي السادسة من مساء يوم أمس الثلاثاء، عندما تجمهر المئات أمام وداخل قسم المستعجلات بمستشفى ابن طفيل بمراكش، من أفراد عائلات الجرحى، الذين كانوا يرفعون أكف الضراعة لله من أجل إنقاذ ذويهم، قبل أن تطلق "فاطمة" زغرودة ممزوجة بحشرجة والدموع تنهمر على خديها، عندما لاح في الأفق طيف "اسماعيل" الرضيع الذي نجا من الموت رفقة والدته "يامنة".
قبل أحد الوزراء الطفل "اسماعيل" وهنأ والدته على نجاتهما من هذا الحاث المأساوي، وبعده تعاقب على تقبيل الطفل العشرات من العائلات التي كانت بعين المكان:" لوليدات الصغار، بحال الملائكة.. الله كايحفظهم" قالت إحدى النسوة، ووهي تحضن الرضيع "إسماعيل".
غير بعيد عن مستشفى ابن طفيل، وتحديدا بباب دكالة، حيث ترقد جثامين الضحايا الذين قضوا في الحادث بمستودع الأموات، كانت السلطات قد نصبت خياما لعائلات الضحايا في انتظار التعرف على هوياتها وتسليمها للعائلات، وفي انتظار ذلك، انخرطوا جميعا في الحديث عن أسباب الحادث.
وفي الوقت الذي كان فيه عبد العزيز الرباح، وزير النقل والتجهيز يعطي التصريحات للصحافة ويحمل المسؤولية للمسافرين والحكومة معا، كانت عائلات الضحايا تستعرض في أحاديثها جملة من العوامل والأسباب، وهي توجه أصابع الاتهام للحكومة وأجهزة المراقبة.
الحالة الميكانيكية للحافلة، عدد الركاب الـ67 الذي يفوق الطاقة الإستيعابية القانونية، تجاوز سائقها الـ65 عاما، الطرقات غير المؤهلة، كلها عوامل كانت محط اتهام من قبل العائلات، "ما هو دور الجهات المعنية بالمراقبة من درك ملكي ومصلحة وزارة النقل؟، واش بنادم ولا رخيص لهاد الدرجة" يقول الحاج علي، الذي فقد زوجته وابنته في الحادث.
لا يمكن أن أرفض السفر في حافلة تقل أكثر من العدد المسموح به، بالنظر إلى الضغط الذي تشهده الطريق الرابط بين زاكورة ومراكش عبر وارززات، خاصة خلال العطل"، يقول أحمد، المنحدر من مدينة وارززات، والذي يعمل بإحدى مقاولات البناء بمراكش.
العدد الكبير لضحايا الحافلة، هو الذي لفت انتباه المسؤولين المركزيين، وشرعوا في البحث عن أسباب الحادث والجهة أو الجهات التي تتحمل جزءا من المسؤولية فيه، غير أن لعبد الله، الرجل السبعيني، ابن مدينة وارززات ، رأي آخر:" بدون مبالغة، كل يوم يتم تسجيل حادثة أو حادثتي سير على الأقل، في هذا الطريق، بسبب خطورة منعرجاته وعدم استصلاحه، عقب مخلفات الثلوج والتساقطات خلال فصل الشتاء".
ويضيف عبد الله، أنه في القوت الذي انقلبت هذه الحافلة، مخلفة 43 قتيلا، و21 جريحا، شهد نفس الطريق، وفي اليوم نفسه، حادثة سير بين سيارتين خفيفتين بأحد المنعرجات قرب وارززات، وخلف الحادث قتيلين وثلاثة جرحى، غير أن المسؤولين تحاشوا الحديث عنها.
وبإقليم الحوز، شهدت الجماعة القرية "أيجوكاك" حادثة سير أخرى مأساوية الأسبوع الماضي، وخلفت 8 قتلى وستة جرحى، وكان الأمر يتعلق بشاحنة تقل حوالي أربعين راكبا وأطنانا من البضائع والسلع والبهائم، غير أن الحادث، لن يمنع سكان المنطقة من ركوب الشاحنات مستقبلا، لأنها هي الوسيلة الوحيدة التي يجدونها أمامهم كل يوم أربعاء، للتوجه نحو السوق الأسبوعي للمنطقة.
ويسترسل عبد الله في الحديث، موضحا أنه خلال فترة الحماية الفرنسية، ومباشرة بعد فصل الشتاء، ينخرط المسؤولون في استصلاح الطريق بشكل دوري، وهو الأمر الذي استمر فيه المسؤولون بعد الاستقلال، إلا أن هذا التقليد توقف منذ منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، حيث لا يتم إصلاح الطريق إلا لماما.
غياب المراقبة في الطرقات، الوضع الميكانيكي للعديد من الحافلات، اهتراء الطرقات، وانعدام المسؤولية لدى السائقين وشركات النقل، كلها عوامل "بوأت" المغرب المرتبة الثالثة عالميا من حيث عدد ضحايا حوادث السير. فهل يعمل المسؤولون المحليون والمركزيون على إيقاف "حرب الإبادة" هذه؟ مراكش - عزيز باطراح | |
|