Admin المدير العام
عدد المساهمات : 13176 تاريخ التسجيل : 09/12/2010
| موضوع: أجندة 2013 - توفيق بوعشرين 2/1/2013, 12:45 | |
| أجندة 2013 [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] توفيق بوعشرين الثلاثاء 01 يناير 2013 - 00:02 السنة التي نطوي صفحتها بعد غد الاثنين، كانت سنة استثنائية بكل المقاييس، فيها ولدت حكومة ملتحية يقودها حزب معارض، شارك لأول مرة في الحكومة، تحت تأثير موجة الثورات العربية التي ضربت المنطقة سنة 2011، فأسقطت أربعة رؤوس تنتمي إلى نادي الديكتاتوريات العربية، فيما أسد دمشق تحول إلى قرد يتشبث بآخر أغصان السلطة في سوريا.
في السنة التي نودعها بدأ البرلمان الجديد يشتغل، ووسطه كتيبة 106 التي تمارس المعارضة والموالاة في الوقت نفسه، لأنها تعرف أن الحكومة لا تتوفر على كل مفاتيح السلطة لحل مشاكل المغاربة.
في سنة 2012 خمدت شعلة 20 فبراير التي «سخنت الطاجين المغربي دون أن تحرقه»، على حد قول عبد الإله بنكيران. الحركة التي أوصلت الإسلاميين إلى السلطة، ودفعت الملكية إلى التخلي عن جزء من سلطاتها في الدستور الجديد، وساهمت في ميلاد انتخابات هي الأقل تزويرا في تاريخ المغرب، تركت مكانها للحركات الاحتجاجية ذات الطابع الخبزي، لأن أغلب الرأي العام، الذي أيد حركة الشباب، ينتظر ماذا سيخرج من تجربة الدستور الجديد والحكومة الجديدة والنموذج المغربي للتفاعل مع الربيع العربي.
حزب الأصالة والمعاصرة، الذي كان مبعوثا للدولة إلى الحقل الحزبي من أجل إعادة هيكلة المشهد الحزبي الذي كان يحتضر أمام قوة الإسلاميين الصاعدة، تحول من لاعب رئيسي في المباراة السياسية إلى مشاغب يحاول أن يزعج بنكيران رفقة الشعبويين الجديدين، شباط ولشكر، والثلاثة همهم الآن أن يزرعوا حصاة في حذاء بنكيران حتى لا يتحرك كثيرا في أرض تبدو أمامه خالية من منافسين حقيقيين، وإذا تحرك فبصعوبة لأن الحجر سيدمي قدمه.
صحة الاقتصاد لم تتعاف هذه السنة، بل بالعكس ازدادت المؤشرات السلبية اشتعالا فوق لوحة القيادة. معدل النمو لم يتجاوز 2.9 في المائة، والميزان التجاري ازداد اختلالا، واحتياطي العملة هوى إلى مستوى متدنٍّ، وسياسة الاقتراض من الداخل والخارج رجعت تطل برأسها، ومعدل البطالة ازداد لأن الاستثمار العمومي والخصوصي نزل. الإدارة لعبت في صف المعارضة ضد الحكومة، وآلة التشريع بدأت معطلة فلم تنتج سوى 20 نصا قانونيا طيلة سنة كاملة، ومع ذلك مازال الناس يراهنون على حصان العدالة والتنمية، ولسان حالهم يقول: لابد من إعطائهم الوقت، ولابد لخصومهم من أن يتركوهم يشتغلون. من أصل ست دوائر أعيدت فيها الانتخابات الجزئية هذه السنة حصل الإسلاميون على أربعة مقاعد وبمجموع أصوات كبير جداً!
السنة المقبلة ستكون حاسمة، سيبدأ العداد في الاشتغال ومعه سينزل منسوب الصبر لدى الناس.
في سنة 2012 كانت الحكومة تتدرب على الحكم وعلى التعايش مع القصر، وعلى ترويض العفاريت والتماسيح، وفي 2013 عليها أن تشرع في اللعب الجدي، وفي تسجيل الأهداف في سلة الاقتصاد وأرقامه، والشغل ومعدلاته، والقضاء وإصلاحه، ودعم الفقراء وأجرأته.
لابد للحكومة من إخراج المغرب من قاعة الانتظار الكبرى التي جلس فيها طويلا حتى صار من سكانها الدائمين.
هناك، أولا، الانتخابات الجماعية، التي يجب أن تجرى هذه السنة على أساس قانون الجهة الجديد الذي ينهي مع الدولة المركزية المتحكمة في كل شيء، وعلى أساس نظام انتخابي يسمح بميلاد مجالس متجانسة لإدارة المدن والجهات المعطلة الآن. هذه معركة كبيرة سنقيس بها جرأة بنكيران وحزبه، وما إذا كانا قادرين على إجراء إصلاح عميق في جهاز الدولة، أم إن «العين الحمرا» لا يظهرها بنكيران إلا للضعفاء من خلق الله من معطلين ومعلمين ونقابيين...
الورش الثاني هو إصلاح العدالة، الذي أمضى فيه وزير العدل سنة كاملة من المشاورات والمناظرات والدراسات. الآن المواطن العادي يريد مرفقا عموميا حديثاً وسريعا ومنصفا، وإذا حدث أن عُذب أو اختطف أو ظلم أو اعتدي على حقوقه، فإن هناك جهة تقتص له دون أن يدفع رشوة أو أن يتوسط له كبار القوم. إنه ثاني أخطر امتحان أمام الحكومة ووزيرها في العدل، حيث سيتبين ما إذا كانت لهما القدرة على فرض الإصلاح في قطاع حساس، كانت السلطة تعتبره دائماً أداة من أدوات الضبط والتحكم في الملفات التي تزعجها، وكان جمع غفير من القضاة والوكلاء والشرطة والسماسرة يعتبرونه صفقة مربحة بلا مخاطرة للاغتناء السريع.
الورش الثالث هو إصلاح صندوق العجب المسمى المقاصة، هذا الصندوق الذي أصبح يصب الأموال في جيوب الأغنياء عوض أن يمد يد المساعدة للفقراء. أمام الحكومة امتحان رفع الدعم التدريجي عن المواد المدعمة، وصرف مساعدات مالية للفقراء، وتجنب فساد الإدارة المتخصصة في إفشال كل المشاريع المهمة مثل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ونظام المساعدة الطبية (RAMED)، وعدم تفقير الطبقة الوسطى. إذا نجحت الحكومة في هذه الأوراش الثلاثة فإن ذلك سيشكل فرصة حقيقية لإنقاذ الأمل في التغيير في بلاد مكتوب فوق مدخل بابها: كل شيء يتغير من أجل ألا يتغير أي شيء.
*مدير نشر جريدة اخبار اليوم المغربية
| |
|