Admin المدير العام
عدد المساهمات : 13176 تاريخ التسجيل : 09/12/2010
| موضوع: دور المرأة في بناء المجتمع 11/4/2011, 12:20 | |
|
أسباب نشوء الحياة الاجتماعية
من القضايا الأساسية التي لا بدّ من دراستها وبحثها وتحليلها تحليلاً علميّاً، هي مسألة نشوء المجتمع والحياة الاجتماعية بما فيها من تعقيدات وتركيب وعلائق، ومعرفة دوافعها وأسبابها . ولكي نتعرّف على النظرية الإسلامية في نشوء المجتمع وتكوّن الحياة الاجتماعية، فلنقرأ ما ورد من آيات تحدّثت عن مسألة الاجتماع ودعت الى بناء المجتمع، الإنساني وصياغة حياة الفرد ضمن التشكيل الاجتماعي العام على اُسس ومبادئ راسخة وثابتة، نذكر منها : قوله تعالى : (يا أيُّها النّاس إنّا خلقناكم من ذكر واُنثى وجعلناكم شعوباً وقبائلَ لتعارفوا إنّ أكرمكم عندَ اللهِ أتقاكم ). (الحجرات / 113) وقوله : (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّة ورحمة إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكّرون ). (الروم/ 21) وقوله سبحانه : (أهم يقسمون رحمة ربِّك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدّنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتّخذ بعضهم بعضاً سخريّاً ورحمة ربّك خير ممّا يجمعون ).(الزخرف/ 32) إنّ دراسة وتحليل هذه الآيات تشخِّص لنا دوافع وأسباب نشوء المجتمع، وتلك الأسباب هي : 1 ـ العنصر الأساس في البناء الاجتماعي هو قانون الزوجيّة الطبيعي العام المتمثِّل في التركيب الغريزي للمرأة والرّجل، فهما عنصرا البناء الاجتماعي وأساس البنية الحيوية من الناحيتين العضويّة والنفسيّة . إنّ هذه العلاقة الغريزيّة التي تسعى غائيّاً لحفظ النوع وتدفع بالجنس بدافعا للّذّة والمتعة، تقوم في جانبها النفسيّ والإنساني على أساس الودّ والرحمة وتوفير الطمأنينة (السكن) . وبذا اعتبر القرآن المرأة قاعدة السكن، عبر الاستقرار النفسي والاجتماعي للرّجل والحياة الاجتماعية بأسرها، ذلك لانّ الاشباع النفسي من حب الجنس الأخر والغريزي الجسدي منه ينتج عنه افراغ حالة التوتّر النفسي والعصبي وملء الفراغ النفسي وتصريف الطاقة الغريزية والنفسية لتحقيق مبدأ الاتزان لدى الجنسين القائم على أساس التكامل من خلال قانون الزوجيّة الكوني العام . من هنا تتحدّد مسؤوليّتها الكبرى في بناء المجتمع السوي السليم نفسيّاً واجتماعيّاً ووظيفيّاً ; لأنّها مصدر السكن والودّ والحنان والرحمة في الحياة الاجتماعية . 2 ـ التعارف : أمّا الدافع الثاني الذي دفع الإنسان لتكوين الحياة الاجتماعية، فهو عنصر التعارف بين أبناء النوع البشريّ القائم على أساس غريزة حب الاجتماع التي عبّر عنها الفلاسفة بقولهم : «الإنسان مدنيّ بالطّبع» . فقد أثبتت التجارب النفسية والاجتماعية أنّ الإنسان لا يشعر بالاستقرار والراحة ولا تكتمل انسانيّته إلاّ بالاجتماع، وبالعيش مع الآخرين، فهو يشعر بحاجة نفسيّة ماسّة وعميقة إلى الآخرين، لذلك قال تعالى : (لتعارفوا )، فعبارة التعارف تعبِّر عن الدافع الإنساني الكامن وراء الاجتماع، وتكوين المجتمع البشري .
3 ـ تبادل المنافع : والسّبب الثالث من أسباب بناء المجتمع، هو تبادل المنافع المادية المختلفة، فقد شاء الله سبحانه أن يتكامل الأفراد بقابليّاتهم وطاقاتهم الفكرية والجسدية والنفسية، ويتحقّق هذا التكامل عن طريق تبادل المنافع بين الأفراد. فللفرد حاجات ومتطلّبات متعدِّدة، ليس بوسعه أن يوفّرها جميعها لنفسه؛ لذا فهو يحتاج الآخرين ويحتاجونه، وهذا الاختلاف في القابليّات الذي ينتج عنه الاختلاف في نوع الانتاج والخدمات التي يستطيع أن يوفّرها الفرد للاخرين، وتبادل تلك المنتجات والمنافع والخدمات لاشباع الحاجات هو الّذي عبّر عنه القرآن بقوله : (ورفعنا بعضهم فوقَ بعض درجات ليتّخذ بعضهم بعضاً سخريّاً )(1). وعلى هذا الأساس نشأت الوظيفة الاجتماعية، وفسّر مبدأ النشوء الوظيفي في المجتمع لتتكامل الحياة كما تتكامل أجهزة البدن في أداء وظائفها . وهكذا يوضِّح القرآن دوافع نشوء المجتمع، الإنسانية والمادية، وفي كلّ هذه العناصر يبرز دور المرأة واضحاً وأساسيّاً، سواء في جانبه المادي أو النفسي أو الوظيفي في الحياة الاجتماعية؛ فهي الجزء الأكبر من المجتـمع، فإنّ الإحصـائية السـكانية تفيـد أنّ عدد الإُناث في المجتمع البشري يزيد على عدد الذكور . وانطلاقاً من نظرية التكامل الوظيفي التي وضّحها القرآن آنفاً في المجتمع، يُدرس دور المرأة في بناء المجتمع كما يُدرس دور الرّجل على حدٍّ سواء ضمن أطر الإهداف والقيم الإسلامية، وليست المرأة عنصراً ثانويّاً ولا وجوداً اضافيّاً على الرغم من التجربة البشرية التي تثبت أنّ دور الرّجل في بناء العلم والاقتصاد يتفوّق كثيراً على دور المرأة ، كما أنّ دورها في تكوين القاعدة النفسية لبناء الاُسرة أكبر من دور الرّجل الذي عبّر عنه القرآن بقوله : (وخلق منها زوجها ليسكن اليها )، فالزوج هو الذي يسكن الى الزوجة، ويستقرّ بالعيش معها، فهي مركز الاستقطاب اطار الاستقرار والودّ والمحبّة . ويتحدّث القرآن عن (السكن) في مواضع عديدة، ومن خلال ذلك نستطيع أن نفهم معناه الذي توفّره الزوجة لزوجها، نفهمه من خلال قوله تعالى : (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّة ورحمة ) وقوله: (وجعل منها زوجها ليسكن إليها ). ونفهم قيمة (السكن) في الاجتماع عندما نعرف أنّ القرآن وصف العلاقة بين الزّوج والزّوجة بأنّها علاقة (سكن وودّ ورحمة) . وإذن فلنقرأ كلمة (سكن) في مواضع عدّة من القرآن، لنعرف دلالتها الاجتماعية والاُسريّة، قال تعالى : (جعل لكم اللّيل سكناً ) أي يسكن فيه النّاس سكون الرّاحة (2) . وقال تعالى : (صلِّ عليهم انّ صلاتك سكن لهم ) أي إنّ دعواتك يسكنون اليها، وتطمئن قلوبهم بها، والسكينة فعيلة من السكون، يعني السكون الذي هو وقار، لا الذي هو فقد الحركة (3). (هو الّذي أنزل السّكينة في قلوب المؤمنين )، أوجد الثبات والاطمئنان (4). وأوضح اللّغويّون معنى (السكن) بقولهم : «... وسكن الريح : هدأت. وسكن النّفس بعد الاضطراب : هدأت. وسكن النفس اليه : استأنس به، واستراح اليه... والسّكن : المسكن، وكل ما سكنت اليه، واستأنست به، والزّوجة والنّار (5) والرحمة والبركة والقوت» . «السكينة : الطمأنينة والاستقرار والرّزانة والوقار»(6). وهكذا نفهم معنى(السكن)الذي توفِّره الزّوجة لزوجها وأسرتها،وهو:الرّاحة والاستقرار والاستئناس والرّحمة والبركة والوقار،كما نفهم سر اختيار القرآن لهذه الكلمة الجامعة لمعان عديدة . ولقد أثبتت الدراسات العلمية أثر الوضع النفسي والعصبي للانسان على مجمل نشاطه في الحياة، فمن الثابت علميّاً أنّ المسؤولية الاجتماعية، مسؤولية العمل والانتاج المادي: الزراعي والصناعي، والعمل السياسي والاجتماعي والوظيفي والخدمي في المجتمع: كالادارة والأعمال الهندسية والتعليم والطبّ والتجارة والفن ... الخ، التي يقوم بها كل من الرجل أو المرأة تتأثّر بشكل مباشر بأوضاعهم النفسية، فالرّجل الذي يعيش في وسط المشاكل العائلية والتوتّر النفسي والعصبي ينخفض إنتاجه المادي، كما يتأثر إقباله على العمل والابداع في أعماله الخدمية أيضاً، وتزداد مشاكله في علاقاته مع رفاقه في المعمل والمرتبطين به، وبذا تساهم طبيعة العلاقات الزوجية بين الرّجل والمرأة في مستوى الانتاج والتنمية بانعكاس آثارها النفسية والعصبية على طاقة الإنسان ونشاطه اليومي وعلاقته بالانتاج والعاملين معه . وليس هذا فحسب، بل وتساهم الأم في تطوير المجتمع وبنائه فكريّاً وماديّاً وأخلاقيّاً من خلال تربية الأبناء وتوجيههم، فالطفل الذي ينشأ بعيداً عن القلق والتوتّر والمشاكل العائلية ينشأ سويّ الشخصية ايجابيّاً في علاقاته وتعامله مع الآخرين وعطائه الاجتماعي، بخلاف الطفل الذي ينشأ في بيئة عائلية تضجّ بالمشاكل والنزاعات والتعامل السيّئ مع الطّفل، فانّه ينشأ عنصراً مشاكساً، وعدوانيّاً في سلوكه وعلاقاته، لذا فإنّ معظم حالات الأجرام والتخريب في المجتمع سببها التربية المنحطّة . وهناك مساحة أخرى من مساحات البناء الاجتماعي تساهم فيها الأم كما يساهم الأب، هي مساحة التربية الإيجابية، فالطّفل الذي يُنشّأ على حبّ العمل، والحفاظ على الوقت، ويوجّه توجيهاً مدرسيّاً سليماً من خلال العائلة، فيواصل تحصيله الدراسيّ وينمي مؤهّلاته الخلاّقة، يكون عنصراً منتجاً من خلال ما يحصل عليه من خبرات واختصاص علمي وعملي. بخلاف الطّفل الاتِّكاليّ الكسول الذي لا يحرص أبواه على توجيهه نحو العمل والإنتاج، فانّه يتحوّل الى عالة على الآخرين، وتتسبّب الأعداد الهائلة من تلك العناصر في تخلّف الإنتاج وركود الحياة الاجتماعية والاقتصادية والعلمية . وهكذا تترابط حلقات البناء بين التربية والتنمية والإنتاج والأخلاق واستقرار المجتمع، ويبرز دور المرأة في البناء الاجتماعي في هذه المجالات كلّها.
عدل سابقا من قبل Admin في 11/4/2011, 12:46 عدل 3 مرات | |
|
Admin المدير العام
عدد المساهمات : 13176 تاريخ التسجيل : 09/12/2010
| موضوع: رد: دور المرأة في بناء المجتمع 11/4/2011, 12:28 | |
| أهمية دور المرأة في تنمية المجتمع .. تمهيـد إن من أعظم ما تركه لنا القرن العشرون مفهوم التنمية الشاملة الذي تفاوت حظ تطبيقه بين دول العالم، ولكنه أصبح من بين الأسس الثابتة لقياس تقدم المجتمعات، ودليلاً على أن التنمية أصبحت تمثل مطلباً ملحاً وأساسياً لكل المجتمعات المعاصرة، وذلك لما تنطوي عليه من مضامين اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية هامة، وأيضاً لما ينتج عنها من نتائج حاسمة في حاضر هذه المجتمعات ومستقبلها. وإذا كان الهدف الأساس من التنمية هو سعادة البشر وتلبية حاجاتهم، والوصول بهم إلى درجة ملائمة من التطور وتعميق إنسانيتهم، فإنها فى حد ذاتها، لا تقوم إلا بالبشر أنفسهم الذين هم أهم وسائل تحقيقها. وفي إطار الاهتمام بقضية التنمية الشاملة، وانطلاقاً من أن التنمية ترتكز في منطلقاتها على حشد الطاقات البشرية الموجودة في المجتمع دون تمييز بين النساء والرجال، يصبح الاهتمام بالمرأة وبدورها في تنمية المجتمع جزءاً أساسياً في عملية التنمية ذاتها، بالإضافة إلى تأثيرها المباشر في النصف الآخر، ذلك أن النساء يشكلن نصف المجتمع وبالتالي نصف طاقته الإنتاجية، وقد أصبح لزاماً أن يسهمن في العملية التنموية على قدم المساواة مع الرجال، بل لقد أصبح تقدم أي مجتمع مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بمدى تقدم النساء وقدرتهن على المشاركة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبقضاء هذا المجتمع على كافة أشكال التمييز ضدهن .
التعريف بدور المرأة .. سطّرت المرأة في العصور القديمة والحديثة وخاصة في المجتمعات الإسلامية أسطراً من نور في جميع المجالات، حيث كانت ملكة وقاضية وشاعرة وفنانة وأديبة وفقيهة ومحاربة وراوية للأحاديث النبوية الشريفة. وإلى الآن ما زالت المرأة في المجتمعات الإسلامية تكد وتكدح وتساهم بكل طاقاتها في رعاية بيتها وأفراد أسرتها، فهي الأم التي تقع على عاتقها مسؤولية تربية الأجيال القادمة، وهي الزوجة التي تدير البيت وتوجه اقتصادياته، وهي بنت أو أخت أو زوجة، وهذا يجعل الدور الذي تقوم به المرأة في بناء المجتمع دوراً لا يمكن إغفاله أو التقليل من خطورته. ولكن قدرة المرأة على القيام بهذا الدور تتوقف على نوعية نظرة المجتمع إليها والاعتراف بقيمتها ودورها في المجتمع، وتمتعها بحقوقها وخاصة ما نالته من تثقيف وتأهيل وعلم ومعرفة لتنمية شخصيتها وتوسيع مداركها، ومن ثم يمكنها القيام بمسؤولياتها تجاه أسرتها، وعلى دخول ميدان العمل والمشاركة في مجال الخدمة العامة . ومنذ بداية العقد العالمي للمرأة (1985-75) وحتى مؤتمر بكين 1996، بدأ الاهتمام العالمي بقضية تنمية المرأة وتمكينها من أداء أدوارها بفعالية مثل الرجل، والمشاركة في اتخاذ القرار في مختلف مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وقد واكب هذا الاهتمام العالمي اهتمام كثير من الدول والهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية، وذلك من خلال عقد سلسلة من الندوات والمناقشات وأوراش العمل والمؤتمرات، كان آخرها منتدى قمة المرأة العربية بالمنامة في أبريل 2000، مروراً بمؤتمر القمة الأول للمرأة العربية "القاهرة 2000"، ومؤتمر القمة الاستثنائية للمرأة العربية بالمغرب "نوفمبر 2001"، بالإضافة إلى عدة منتديات حول المرأة والسياسة، والمرأة والمجتمع، والمرأة والإعلام، والمرأة والاقتصاد، والمرأة في بلاد المهجر، التي عقدت في عدة دول عربية. وما هذه الدراسة حول البنى الملائمة لتعليم الفتيات والمرأة في بعض بلدان العالم الإسلامي إلا دلـيـل عـلـى اهتـمـام المنـظمـة الإسـلاميـة للتـربـية والعـلـوم والثــقافة ــ إيسيسكو ــ بدور المرأة وحرصها على تمكينها من دورها الحقيقي في المجتمع. ولقد أكدت وأوصت جميع هذه المنتديات بكافة صورها على ضرورة دعم دور المرأة ومكانتها ومنحها حق العمل في الميادين كافة، انطلاقاً من أهمية مكانة المرأة في المجتمع ودورها في تحقيق استقرار الأسرة. ويشير الواقع الديموغرافي لعدد السكان في بلدان العالم الإسلامي أنه يبلغ 1028751 ألف نسمة عام 2000، وتبلغ المرأة نصف هذا العدد تقريباً أي حوالي 514.751 ألـف نسـمة، والفـئة العـمرية للبـنات فـي الشـريـحة العـمــرية مـن (14-6) حوالي 91324 ألف من مجموع النساء أي بنسبة 17.8%. ويلاحظ ارتفاع معدلات خصوبة المرأة في هذه البلدان، وذلك يرجع إلى العوامل الاجتماعية وعوامل ترتبط بالتراث الثقافي لهذه البلدان، وهذا الحجم المتزايد من السكان رجالاً ونساء يطرح سؤالاً : ما الأدوار التى تقوم بها هذه الجموع البشرية من النساء في حاضر المجتمعات الإسلامية وفي مستقبلها ؟ وإلى أي مدى ترتبط هذه الأدوار بما يهيئ لها من فرص الإعداد ووسائله لمواجهة الحياة حتى تتحول من دور واعد بالإمكانية إلى قوة مؤثرة بالفعل، وحتى تصبح طاقة منتجة لا عبئاً ثقيلاً ينوء المجتمع بتكاثره. وللإجابة عن هذه الأسئلة المطروحة يركز هذا الفصل على الأدوار التي تقوم بها المرأة في تنمية المجتمع، وحتى يمكن تحديد هذه الأدوار لابد أولاً من تحديد المفاهيم الأساسية التي تعد من الموجهات الأساسية .. مفهوم التنمية : يعرف تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية لعام 1997 التنمية بأنها عملية زيادة الخيارات المطروحة على الناس ومستوى ما يحققونه من رخاء، وهذه الخيارات ليست نهائية أو ثابتة. وبغض النظر عن التنمية فإن عناصرها الأساسية الثلاثة تشمل القدرة على العيش حياة طويلة وفي صحة جيدة، واكتساب المعرفة، والتمتع بفرص الحصول على الموارد اللازمة لعيش حياة لائقة. ولا تقف التنمية عند هذا الحد، فالناس أيضاً يقدرون جيداً الحرية السياسية والاقتصادية والاجتماعية وإتاحة الفرص أمامهم للإبداع والإنتاج.
مفهوم تنمية المجتمع عرّفت الأمم المتحدة تنمية المجتمع بأنها العمليات التي يمكن بها توحيد جهود المواطنين والحكومة لتحسين الأحوال الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المجتمعات ولمساعدتها على الاندماج في المجتمع والمساهمة في تقدمه بأقصى قدر مستطاع. مفهوم الدور : الدور هو مجموعة من الصفات والتوقعات المحددة اجتماعياً والمرتبطة بمكانة معينة. والدور له أهمية اجتماعية لأنه يوضح أن أنشطة الأفراد محكومة اجتماعياً، وتتبع نماذج سلوكية محددة، فالمرأة في أسرتها تشغل مكانة اجتماعية معينة، ويتوقع منها القيام بمجموعة من الأنماط السلوكية تمثل الدور المطلوب منها. وبالنسبة للمرأة فالدور المعياري لها كإمرأة وزوجة وأم، أي الدور الذي يتوقعه منها المجتمع وينتظر منها القيام به، يتفق اتفاقاً كبيراً مع دورها الفعلي إن لم يتطابق معه. مفهوم الدور الاجتماعي : هو الأنشطة التي تقوم بها المرأة في نطاق أسرتها وخاصة ما يتعلق بتربية أبنائها وعلاقة أسرتها بغيرها من الأسر الأخرى خلال عملية نشاطها اليومي والاجتماعي. مفهوم الدور الثقافي : هو قدرة المرأة على تقييم ما تتلقاه من معارف ومعلومات من وسائل الإعلام المختلفة بما يدعم دورها في معايشة قضايا العصر والانفتاح على العالم الخارجي. ويلعب التعليم دوراً هاماً في هذا المجال حيث أنه كلما نالت المرأة قسطاً أكبر من التعليم كلما كانت أكثر فهماً وإدراكاً ومقاومة للإيحاءات والتأثيرات السلبية التي قد ينقلها الاتصال بالعالم الخارجي.
واقع دور المرأة في تنمية المجتمع على الرغم من وجود تباين في البنى الأساسية الاقتصادية والثقافية والسياسية لبلدان العالم الإسلامي، إلا أن الدين الإسلامي هو دين الغالبية العظمى لسكان هذه البلدان. ولما كان الدين الإسلامى أكثر تقدماً من أي دين آخر بالنسبة لمشاركة المرأة في المجتمع، لأنه أعطى صورة متكاملة عن دور المرأة ومكانتها في المجتمع، فالقرآن والحديث والتفسير والاجتهادات المختلفة تعطي المرأة مكانة خاصة تُترجم عملياً إلى أعراف تشريعية تملي عليها حقوقها وواجباتها سواء كانت ابنة أم زوجة أم أماً، فإننا نفترض وجود تطابق إلى حد ما في الأوضاع في هذه البلدان، ولذلك تم اختيار بعض دول العالم الإسلامي كعينة مختارة ممثلة لباقي الدول لنتعرف على أدوار المرأة في تنمية هذه المجتمعات. وحين ننظر إلى الدور الذي تقوم به المرأة في التنمية، لا بد أن ننظر إليه في إطار التنمية الشاملة بكل أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، وفي إطار التنمية المستهدفة القائمة على الأصالة والتجديد الحضاري. و تجزئة الدور في هذا الفصل إلى عدة أدوار هو بغرض التوضيح، وتفسير إلى أي مدى تستطيع المرأة أن تشارك وتساهم بفعالية في التنمية، وما العوامل التي تؤثر في معدلات إسهام المرأة في التنمية في ظل المتغيرات والتطورات التي طرأت على هذه المجتمعات ؟ وما العوامل التي تواجه المرأة للقيام بهذه الأدوار وتعوق اندماجها والتزامها بالمشاركة الحضارية الكاملة في صناعة الحياة بكل أبعادها بدءاً من حقها الطبيعى في حرية الحركة والانتقال، إلى ذروة التأثير في صنع القرار والإسهام في تحديد المسار.
| |
|